نحن أدرى

أيها الحادي الذي يحدو القــــوافــلْ
أسمِعِْ الصــــحراء صــوتاً أنْجشــيّاً
وبـه تمنحنا الراحـــــة ظـــــلاً
أيها الحــــادي، أدر شَــدوكَ فـــينا
صـوتــك العــذب يُريـنا كيف تهـفو
صوتك العــذب غــناءٌ يتلاشى
كلّما أنشدتُ لحــناً، خِلـتُ أني
وأنـاجـي قمـر اللـيل وأبــني
وأرى دائرة النور أمــامي
وأرى الأنجـم عــقداً لؤلؤياً
أيّـهـا الـحادي، تـألـقـتَ فـرفقاً
خفِّف اللـــحنَ الذي أصبح ســحراً
أيها الحــادي، على لحـنك سـارتْ
لمْ نـزل نُـركِضُــها في خـــير أرضٍ
لم نزل نسقي رمال البـيد غــــيثاً
لمْ نزل في رحـــــلة الـحب سـويّاً
ربمـا يعـذُلنا مــن ليــس مــنـّا
نحـن مازلـنا علـى درب هُدانـا
لا نـبــالـي بخــفـافـيـش ظـلامٍ
يا خفافـيـشَ ظــلام اللـيـل، إنّـا
عـجبـاً، كـيف وهـمـتم، أنسيتمْ
لــجّــةٌ مـظـلمةٌ يغـرق فـيهـا
يا خـفـافـيش ظـلام اللـيل إنّـــا
مـا وجدنـا حَـيرةً لـما انطـلـقـنــا
نـحـن لـم نـجـنـحْ عن الحق ولكن
دارت الـدنـيـا بنا حــتى ثبـتـْنــا
وعـرفـنـا لـغة التجديد، لــكن
أرضـنـا مـهـبط وحـي الله، فـيهـا
هذه كــعبـتـُنـا مهوى قـــلــوبٍ
ركـنُـهـا والـحجر الأسـود فــيهـا
صورةٌ تخـتـصـر الـكونَ وتــمحو
يا خـفـافيـش ظـلامِ اللــيل، مـهلاً
شرِّقـوا أو غـرِّبوا إنّــا ورثنـــا
وورثـنـــا مـن كـتاب الله عـلـماً
ويـلـكم، كـيف نسـيتم أن ديـني
إنـمـا يحـفـظ حـق النـاس ديـنٌ
وبـه يُــحــفَظ حـقٌّ لضـعـيـفٍ
وبـه تُرفع راياتُ بلادي
إن من أعظم ما يرعـى حقوقاً
أن تــرى كـــفُّ الذي يســرق حدّاً
أن يـرى المـــجــرم سـيفاً حيدرياً
أن تــرى الأمــةُ مـا يحـمي حـماها
أن يـرى من يهـتك الأعـراض ظـلماً
أن يــرى من يقـذف الناس بفُـحشٍ
في القصاص الأمنُ من سطوة باغٍ
صـورة مــحـكمة النسج، وديـــن
عـجـبـاً ممن يـرى في التمر جـمراً
ويـرى أن الـعـصا مثل حسـام
كيف يرعى من حقوق الناس شيئاً
ويــرى حـرية النـاس انــحـلالاً
عــالَم الـغربِ الـذي يـطـلق فينا
لم يزل يسبح في بحر المعاصي
لم يزل ينهشـنا لــحـمــاً وعظماً
عــالَم الغـرب اختراعاتُ عـقولٍ
يزنُ الأمر بـمـيـزانـيـن، هـذا
كيـف نرجـو من فتـى يأبى التزاماً
مـا قـلوب الناس إلا كــبـقـاعٍ
كـم قـلوبٍ كـزهـور الروض حبّاً
أيّها الماضـون في درب الدعـــاوى
نـحــن في مملكة أشــــرق فيـها
نحن أدرى بحــقوق النـاس، هــذا
ديـنـنـا لدين والـدنـيا نــظـامٌ
ديـنـنـا صـرحٌ من الخــير متــينٌ
ديـنـنـا أثـبـتُ من قُـنّـةِ رضـوى
رايـــــةُ التـوحـيد إعـلانٌ صـريحٌ
أنت مــاضٍ، وجـديرٌ أن تواصلْ
صــافــيــاً يُلهبُ أخفافَ الرواحــلْ
وبه تُطــوى من الدـرب المـــراحــلْ
نغماً يوقظ أحـــلامَ الغوا فل
مُقلُ الرمـل، وأهدابُ المـنازلْ
عنده تغريدُ أصواتِ البــلابـلْ
أمسح النجمَ بأطراف الأناملْ
فوقـه صرحاً، وأبراجَ فضائلْ
غُـرّةً بيضاء في جــبهـةِ صاهلْ
ما له في عالم الـدِّر مُماثـلْ
بالـقوارير وربَّــات الـخـلاخـلْ
يتســامى وَصــفُه عن سحر بابـلْ
خـيـلُنا الدُّهـمُ الكريـماتُ الأصــائلْ
صانها الرحـمن من ضَربِ الــزلازلْ
من سحابٍ، عبّرت عنه الجـــداولْ
نقــطـع البـيدَ ونجتاز المجـاهـلْ
والفــتى الواثقُ لا يخشى العواذلْ
نرشـد الناس ونـدعـو ونحاولْ
بل ننـاديـها وغـيثُ الحــــبِّ هاطلْ
قد عرفنا كلَّ ما تُخفي الحـــواصلْ
أنّ بــحـر الوهــم لا يلقاه ساحـل؟
كل مـجـنونٍ ومـخـدوعٍ وعــاطـلْ
لمْ نزل نحملُ في الليل المشاعلْ
بل عـرفـنـا كيـف نمـضـي ونـواصلْ
جنـحَ الـواهم والـلِّـصُ المـخاتــلْ
وورثــنـا بالهدى مـجــدَ الأوائـــلْ
دون أن نـفـقد روحـاً أو نـجــامـلْ
جمَّع الإسـلامُ أشـتـاتَ الـقــبـائـلْ
شـوقُها يغلي كما تغلي المراجلْ
والـمـصلّى والـحـمامـاتُ الـزواجلْ
مـن قــلـوب الـنـاس آثـارَ الغـوائلْ
سرجُكم في ساحة الميدان مائلْ
مـن تـعـالـيم الهدى خيرَ الشمائلْ
كـلُّ عـلمٍ بـعـده تحـصيلُ حـاصلْ
هـو نبـع الخـيـر والأرضُ خـــمائل؟!
يـرِدُ النـاس بـه أصفى المنـــاهلْ
وبـه يُـطـعـم مسـكيـنٌ وعائــلْ
وبـه تُـعرف أحــكـام الــنوازلْ
لبـنـي الإنســان أن يُقتل قاتلْ
صـــارماً يحمي من اللـص السنابلْ
مشـرقاً يـلـمع فـي قـبضـة عـادلْ
من هــوى بــاغٍ ومن زلــة جـاهـلْ
كيف يحمي الرجمُ أعـراضَ الحلائلْ
أن حـدَّ القـذف يحمي عِـرض غافلْ
وبه تـُطفأ نيرانُ القــلاقــلْ
واضــحٌ تســمو به الأرواح كـامــلْ
ويســاوي بيــن مــجنون وعــاقلْ
ويساوي بيـن سَـحـبَـانٍ وباقـلْ
مَـن يـنـاديـهـم إلـى وحـل الرذائل؟
وانـحرافــاً عـن مـوازين الفضائلْ
كـلَّ يـومٍ صـرخـةً مـن فـم صـائلْ
وعــلــى شــطـآنه تجري المهـازلْ
ويُــريــنا كـيف يَحــتَزُّ المـفـاصلْ
أصبــحت في خـالق الكون تجـادلْ
راجـــحٌ في الـــوزن والآخـر شائلْ
بفــروض الـديـــن تطبيقَ النوافل؟!
بعضها معشوشبٌ والبعض قاحـلْ
وصــفـاءً، وقلوبٍ كـالـجـنــادلْ
دربُنـا يُســقـى مـن الخـير بـوابلْ
فـجــرُ ديـن الله يـجـتاز الحـوائلْ
ديـنـنـا يـدفع عـنهـا ويـنـاضـلْ
جــامــعٌ مسـتوعبٌ للكون شـاملْ
تـتـهاوى دونـه أعتـــى المـعـاولْ
كـلُّ ديــنٍ غـيره في الأرض بـاطلْ
وجــوابٌ عنــدمـا يســأل ســائلْ